حـدُّ المواسـي
لنْ يرى النصرَ ولن يلقى طُقوسا
يخفضُ الناسُ له فيها الرؤوسا
كلُّ من فسقَ السوءُ به
ومضى يجلبُ الإثمَ تعيسا
لابساً أوزارَهُ الحُمرَ التي
سخرت منه وأعطتهُ النحوسا
...
ظُلمياً لا يرى في الفجرِ فيضاً من الإشراقِ بل ليلاً عبوسا
حاقداً حتّى على عينيه غيرَ مودٍ فيهما الضــوءَ النفيسا
يرفعُ الضعفَ رماحاً وتـروسا
مـلءُ كفّيهِ ليبـــدو بطلا
عجبي لَكَمْ وقّحَ الخوفُ نفوسا
فيه ماتتْ وجلاً لا خــجلا
هزل أن يأخذ الدرع لبـوسا
من تــراه الدرع فيها هزلا
...
يا خيالي إنَّ عيني عجزتْ أن تُريني في قطيعٍ جحفـلا
لا يطيقُ الغابُ أن يمنح ليثـيتَـهُ داجنــةً أو حملا
ومزايا الليثَ لاتسكن في ضبـع يرعشـها من سعلا
عاجزٌ كل كمالٍ أن يُتمــمَ مَنْ في نقصه قد كَمُلا
وافتضاحٌ أن يقولَ القولُ أن زقاقــاً قد تعالى جبلا
لايؤاخي النجمَ إلاّ من يُرى كل يومٍ بالضحى مغتسلا
والذي يحبو على الأرض ويألفُهُ القاعُ يؤاخي الوحلا
إن طبعَ الطينِ أن لايستضيف شعاعاً فاعـلاً ما فعلا
لو حبستَ الضوءَ في معدنه نتف الضوء به أو أقملا
والذي في روحه حنظــلةً لا تلاقي فيه إلاّ حنظلا
مرهُ فيه مزايـاه وإن سكبَ التزويـرُ فيه العسـلا
...
كم عصاني حذري أن أجعلَ من تجاريبي لغدرٍ مدخلا
لو أتاني حِـذقُ شيطانٍ وفي يده الوحيَ طرياً مُنـزلا
لأتتـني فطنتي تمنعـني أن أرى فيه نبيـــاً مرسلا
يا خيالي لا تقف بي حيث لا أجد التأميــلَ إلاّ ألمــا
والعسـى والــربما ما حَوّلا أيَ وغدٍ عبقرياً ملــهما
وخيــالٌ أن ترى محتملاً أن في طبــعِ الأفاعي كرما
أيُّ ناموسٍ به الأفعى أَتَى لدغُها يُفـــرزُ منها البلسما
موتُ فهمي أن يُريني من تفاهاتِ مفتونٍ هدىً أو حِكَما
...
في حياتى كم نفوسٍ شئتُ أن أهزمَ الســوءَ بها محتدما
فانتهـت كل مشيئـاتي بها شللا في ســوءها منهزما
...
كانـزُ الأحقادِ في صـدرك يا مالئاً صـدرك منها ظلما
هاذه روحك كم عشت بها تخبأ الفــأس وتخفي الوظما
كتمت أعماقُك الجزّار حتى جُــنّ في روحك ذبحًا ودما
...
كم تخيلتكَ إصبـــاحًا فواجهـتُ أشباحًا وليلاً معتما
كم تصورتـكَ أفراحـاً فلم يلــقَ فيك الناس إلاّ مأتما
كم توقعتـك أرباحــا فما جئتَ في الأخلاق إلا مغرما
كم تلبّسـت من التقـوى ولكن كما يسكن لصٌ حـرما
...
كيف ألقى بالغـاً في ســوءه مـلّ يـوماً سوءَهُ أو سئما
إن مَن ربّـاه حضنُ الـروض في الظـل والأنداء صلاً أرقما
سـوف تبقى آفـةً في طبعـه فاتـكُ النـاس وصنفاً مجرما
يمقتُ النرجـسَ والـوردَ وقد رضـع العطـرَ رحيقًا فيهما
ويـرى في الظـلِّ والـزهرةِ خصمين قـد صار بريئا منهما
إنني لن أطلبَ الضوءَ على الأرض ممن فـوقها قد أظــلما
حطَّــهُ الإثـمُ فلم يتـرك له إثـمُهُ في أي روق قـدما
غائــرُ النفسِ له من نفـسهِ حـفرةٌ مـن طينها قد بشما
هـادمٌ ونمته السـوء وأهّلَــه الشــر به أن يــهدما
...
إنما أطلــبُ ضـوءً من سمـاءٍ ومن نــجمٍ بها قد نجما
من شـريفٍ واضـحٍ ضوّءهُ الصـدقُ لم يتركه لـغزًا مبهما
قِمَمـيٌ راسـخُ النفـسِ على منكبيـه الـفضل يبني هرما
نشطُ النـزعة للخـير إذا سار زحف الخــير كان المعْلما
نفسُـهُ صحيـةٌ يمـشي بها طقـسُها عـافيةً لا وخــما
...
من أمين رائع صلـــب الأساس
خيـرٌ لكنه صعب المراس
فيه ما في الصخر من معنى الرواسي
وبــه عبقة ريحانٍ وآسِ
...
يافؤادي ما عدا الفاضل أرفضُ أن ينـزل نفسي وحواسي
ولو أني كدت أقضي ظمأً أطـلب الماء وقد خاب التماسي
لأبت نفسي إلا مثلها في فتـى من نبـله تـملء كأسي
عبقـريٌ قِستُـه مـلء ظنوني فلم يترك فراغاً في قياسي
...
اعطني الـوحشَ لكي أصحبه
دون أن يصحبني منه إحتراسي
كم يكون الوحش إنساناً إذا
رجفت أمني حقارات الخساس
...
كل أرض تسـع الآثام لاوطــني فيها ولا مسقط رأسي
ليس فيها أهل وجداني ولا ناسها الغاوون في الوحشة ناسي
تكره الأرض إذا ساد بها همجـي النفس زهريُ اللباسِ
خربٌ تضطهدُ الآثامُ تكوينَـه المنسوفَ عشقاً للمآسي
مخلبيٌ لا ترى عينكَ في وجهـه إلا نــوايا الإفتراس
............................شبهةٌ أو فرصةٌ للإلتباسِ
حبست فطرته في السوءِ واستنقعت فيه بطول الإحتباس
كلما أمّلتُ أن ألقاه في توبـة تغسله عــدت بياسي
ولقد طفت سديماً وثرى ورست فُلكي على كل المراسي
لم أجد معجزة قد بلورت مدرًا أو عسجدت طبع النحاس
أو أجد تلكَ النواميسَ التي تُنبتُ الزّهـر على حد المواسي